لنخاطب العقل مرة (التعصب)
للكاتب : سالم المطيري
الفيلسوف الفرنسي "فولتير" ذكر مرة يقول: التعصب والخطأ متعادلان...
لن أتطرق في هذه التدوينة للوعظ أو إيجاد حلول للعصبية والتعصب، بل سأترك المجال لمن يقرأها يخاطب ذاته وينظر للحياة بغير النظرة البؤبؤية التي اعتاد النظر من خلالها...
.
العالم النمساوي سيغموند فرويد (مؤسس علم التحليل النفسي) يقول: في هذا الزمن كل شيء فينا يحركه اللاشعور.
.
منذ كنا صغاراً حين نرى أي اختلاف بسيط وصغير في لبس أو لهجة أو سلوك، مهما ضئل هذا الاختلاف الذي يكاد أن يكون خفياً، كان جديراً بأن يستثير استغرابنا ويستحث سخريتنا في بعض الأحيان، حين كنا صغاراً كان عالمنا محدود جداً في إطار الدولة أو القبيلة أو الطائفة ...إلخ، كان هناك اغراق في المركزية والحكم على الآخرين، وأقيمهم من خلال معايري وضوابطي وتقاليدي وعاداتي، وأي اختلاف بسيط يستثير السخرية، ظل هناك بقية من الاستغراب الصبياني في الكبار الذين لم يتوفروا على اثراء أنفسهم بمنظورات أكثر تركباً، هذا ضرب من ضروب التعصب، الشخص الذي يعتقد أنه هو محور الكون ومركزه وكل آراءه ومعتقداته سواء (دينية، طائفية، أيديولوجية، سياسية، اجتماعية، ثقافية، عرقية، جنسية) يرى أنه الأصوب وكل هؤلاء على خطأ.
.
الفيلسوف الألماني "مايكل بيري" يقول: يبقى في القرصان وقاطع الطريق والسارق والمتوحش شيء بريء وبسيط ينتمي إلى الإنسانية "بخلاف المتعصب"، هؤلاء أقرب إلى الإنسانية من المتعصب.
لأن هؤلاء يعترفون بأنهم مجرمون وأنهم خارجون عن القانون والمعية الأخلاقية وأنهم يفعلون هذا لمصالحهم الشخصية ويقولون نحن مجرمون ونعرف هذا، وهذا إنساني أن تقر وتعترف بالحقيقة، حتى حقيقة العار الذي يجللك من الإنسانية.
المتعصب لا يؤمن بهذا ولا يذنب ولا يخطئ وكل ما عنده حق، وحق مطلق لذلك يقود الناس إلى المذبحة، والمتعصب بارئ من أدنى معاني الإنسانية لأنه في الوقت الذي يعمل فيه من مصالح شخصية يزعم أنه يعمل لله أو الوطن أو الأيديولوجيا، وهذا بعيد عن الإنسانية بدرجات ومراحل.
توجد دراسات كثيرة في علم النفس الاجتماعي أثبتت أن العلاقة بين الذكاء والتعصب علاقة سالبة، كلما ارتفع الذكاء يتراجع التعصب، ليس الذكاء الذي يكون بمقياس (IQ) بل الذكاء الذي يقوم على خبرة وعلى حراك فكري وجغرافي والذي يقوم على سعة في المنظور.
وأيضاً هناك تجارب قام بها العديد من علماء النفس والاجتماع تثبت صحة ما ذكر، مثل تجربة بول بلوم، وهنري تاجفيل، وسولامون آش، ومظفر شريف، وستانلي ميلغرام وغيرهم.
.
نأخذ على سبيل المثال تجربة "ستانلي ميلغرام" في نظريته المشهورة "تجاهل الأغلبية".
مختصر النظرية تقول: عندما تكون ضمن أغلبية مهما أجرمت يضعف تحسسك للمعية الأخلاقية تجاه الخير والشر واستنكار الجريمة، لأن الأغلبية تفعل هذا وخاصة إذا كانت تفعل هذا من رموز عليا.
.
في الأخير عليك أن تنظر لنفسك وتراجع ما يمليه عليك البعض من المجتمع ولا تكون من ضمن البقية تفعل وأنت لا تعرف ماذا تفعل أو تقول وتردد قول الشاعر دريد بن الصمة:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت... غويت، وإن ترشد غزية أرشد
4 التعليقات
سبحان الله كيف ارتبط الذكاء والتعصب مع بعض
ردحذفالله يبعد عنا التعصب والعصبيه
وحبيت كثير مشاركتك لتدوينات اصدقاء المدونة
يعطيك العافيه ي جميلة
المعلومة هذي اول مرا اسمع فيها سبحان الله شي غريب ، يعطيك العافية ع التدوينة العجيبة
ردحذفاتفق جداً 👌🏼
ردحذفتدوينة منطقيّة ، حبيت خفّتها مع دسامة محتواها .. وأكيد موضوعها الحساس جداً بالنسبة لنا على الأخص .
صحيح إنو العالم يعجّ بالعنصرية والتعصب ، لكن من الباب الأولى نكون نحن المسلمين نتخّلى عنها إجباراً لنهي ديننا مو إختياراً ولا تفضلاً ..
معلومة التعصب والذكاء جديده علي مو جديده اقصد اذا كان الشخص مثقف ومتعلم ينبذ بعض التصرفات الهمجيه مثل عدم تقبل الاخر والتعصب للامور السطحيه ..❤
ردحذف