اقرأ بعقلك وليس بعينيك فقط | اصدقاء المدونة

By مولاش - 11:37 م




بسم الله الرحمن الرحيم



لا يمكن أن ننكر بأن الحياة صعبة، نعم هناك الكثير من الاشياء الجميلة، ولكن بالنهاية كلنا نعرف مثلاً بأننا سنموت وهذه حقيقة مؤلمة وهناك أناس نحبهم سيتركونا وهذا قد يكون شيء صعب ومؤلم، في بعض الاحيان نتغلب على كل هذه العقبات من أجل البقاء على قيد الحياة، وفي أوقات أخرى ننكر هذه العقبات ونحاول الهروب منها لأننا لا نستطيع تحملها أو تحمل حقيقتها، 


ولكن مهما كانت صعوبة المواقف التي نواجهها علينا أن نقبل ونتقبل جميع جوانب الحياة المختلفة حتى لو كانت سلبية وإلا ستواجه الحقيقة بعيون مغلقة ومن المؤكد أنها ستنتصر عليك وتدمر ما تبقى لك من زمن على هذه الأرض، في الفلسفة البوذية يُذكر أنه (قبول حياتك على ما هي عليها هو مصدر رئيسي بأن تكون سعيداً) كل ما عليك فعله أن تبقى في هذه اللحظة الحاضرة بدون أن تضع عناوين وشروط على ظروف سعادتك في المستقبل، هذه اللحظة وأنا أتنفس وأبتسم وأساعد شخص آخر ، إذا أردنا أن نكون سعداء يجب أن نرى الحقيقة أو الواقع لما هو عليه الآن (وهذا الشيء يعلمونه في البوذية لتصبح سعيداً) بدلاً من أن تكون ثابت على أفكارك وآرائك أنت بحاجة إلى أن تبقى منفتح على أي حقيقة جديدة قد تظهر ولا يكفي أن تكون إيجابي أو مشاعرك إيجابية وتجنب المشاعر والمواقف السلبية، نحن بحاجة لمواجهتها وقبولها إذا أردنا أن نكون أحراراً بحق، وأن تسأل وتتسائل وتُبقي حالة الفضول عندك نشيطة وتبدأ تحدي كل ما عندك من أفكار وآراء، هذا التحدي هو أفضل استخدام لحياة البشر، كل شيء في الحياة يتغير (وُلدت ثم ستموت، الطقس يتغير كل يوم) مهما ننظر إلى الحياة كل شيء في تغير مستمر وهناك من هو مُصر على إبقاء الامور ثابته وهذا يتعارض مع القوى الحقيقة للكون، بقبول التغير واحتضانه يعطينا تحرر هائل وطاقة كبيرة لخلق الحياة التي نحتاجها، إما أن نقبل التغير وإلا سيجرفنا معه...
أخيراً، الكثير منا يتلهف لجلب المشاعر التي نفكر بها كسعادة، مشاعر كالاثارة أو الفرح والنشوة ولكن هذه كلها مشاعر معقدة، والسعي المستمر لهذه النوعية من المشاعر يتحول بالنهاية فقط إلى معاناة لأنها لا تستمر، السعادة الحقيقية تأتي من السلام الداخلي لأنها تحتوي على كل ما لديك وعلى من أنت، (التعلق بالأشياء الذين يُعتبر هو مصدر الألم) الجذر الحقيقي للمعاناة هو هذا السيء الذي لا ينتهي واللامعنى له في المشاعر السريعة الزوال، وهذا الذي يجعلنا في حالة مستمرة من التوتر وعدم الارتياح وعدم الرضا بسبب هذا السعي لأن العقل لا يشبع ولا يرضى، حتى عندما تحصل أو تختبر المتعة لن ترضى لأنها ليست مضمونة وتخاف أن يختفي هذا الشعور قريباً وتصبح تود أن يبقى ويستمر ويكبر ويزيد...
الناس تتحرر من هذه المعاناة ليس عندما تعيش السعادة العابرة والمتعة، ولكن عندما يبدؤا يفهموا الطبيعة الغير دائمة لجميع مشاعرهم والتوقف عن الحنين لها، هنا تبدأ تنعم بالسعادة الحقيقية...

لذلك الكثير من الناس لا يفهموا حتى الآن الأهداف الحقيقية للتأمل أو الجلوس لفترة والتمرين على التنفس (اليوقا) من الممكن أن بعض الناس تعتقد أنها فقط طقوس دينية وهذا غير صحيح، التأمل يعلمك أن كل شيء غير دائم وخاصةً المشاعر وأن كل ما لديك هو اللحظة الراهنة (الشهيق والزفير) وتراقب عقلك ومشاعرك لتكون قادر على توقيف سعيك المستمر ليصبح عقلك مرتاح و واضح وقانع أن تعيش اللحظة بدلاً من التركيبات والتصورات الخيالية حول ما قد يكون المستقبل، الصفاء الناتج عن هذا التأمل عميق جداً ويساعدك لتفهم أن الحياة بانتظارك، قد تكون عالق ببعض الأشياء الآن ولكن العالم لن يذهب إلى أي مكان والحياة تنتظرك، اثبت وتماسك بهذه اللحظة (لأن حياتك تستحق هذا العناء)...

- سالم محمد

  • Share:

You Might Also Like

0 التعليقات